كما ان من العجيب ما عن بعض محققى العصر من
ان الارادة التكوينية لا يتصور فيها الشدة و الضعف , و لا يخفى بطلانه , لان
الاثار كما يستدل بوجودها على وجود المؤثرات , كذلك يستدل باختلافها شدة وضعفا على
اختلافها كذلك , اذ الاختلاف فى المعلول ناش عن الاختلاف فى علته , و نحن نرى
بداهة ان هناك اختلافا فى حركة العضلات فى المجاز الاعمال سرعة و بطؤا و شدة و
ضعفا و هو يكشف عن اختلاف الارادات المؤثرة فيها , فتلخص ان الارادة تختلف شدة و
ضعفا باختلاف الدواعى , كما انه باختلاف الارادة تختلف حركة العضلات و فعاليتها ثم
ان التفصيل بين الارادة التكوينية و التشريعية لا يرجع الى محصل .
الثانى : قد حرر فى موضعه ان الحقايق
البسيطة التى تكون ذات التشكيك , سنخ تشكيكها خاصى بمعنى ان ما به الافتراق بين
المراتب عين ما به الاشتراك كالوجود و العلم و الارادة و القدرة و غيرها , ((
فحينئذ )) افتراق الارادة القوية عن الضعيفة بنفس حقيقة الارادة , اذ هى ذات مراتب
شتى و صاحبة عرض عريض , و لا يكون الاختلاف بينهما بتمام الذات المستعمل فى باب
المهيات ضرورة عدم التباين الذاتى بين الارادة القوية و الضعيفة و لا ببعض الذات
لبساطة الارادة فى جميع المراتب , و لا بامر خارج لانه يلزم ان يكون كلتا
الارادتين فى مرتبة واحدة و قد عرضت الشدة و الضعف على ذاتهما كعروض الاعراض على
موضوعاتها و هو كما ترى فالتشكيك واقع فى ذاتها و بذاتها .
الثالث : الافعال الارادية الصادرة عن
الانسان لابد و ان تكون مسبوقة بالارادة و مباديها من التصور حتى تنتهى الى
الارادة و يتبعها تحريك العضلات و اعمال الجوارح من اليد و الرجل و اللسان , حسب
ما يقتضيها سنخ الفعل .
و البعث باللفظ بما انه فعل اختيارى صادر عن
الامر لا محيص عن مسبوقيته بمبادى الاختيار , حتى التحريك للعضلات , و هو اللسان
هنا , كما ان ما سبق فى الجهة الثانية من ان شدة الارادة و ضعفها تابعة لادراك
اهمية المراد , جار فى نفس البعث ايضا بل ربما تدرك شدة الارادة من اثناء الكلام و
زواياه , كما لو اداه بلحن