وإذا لم يحكم
الشارع بحجّية الدليل الناقص فلا يكون حجّة ، ولا يجوز الاعتماد عليه في الاستنباط
؛ لأنّه ناقص يحتمل فيه الخطأ.
وقد نشكّ ولا نعلم
هل جعل الشارع الدليل الناقص حجّةً ، أوْ لا؟ ولا يتوفّر لدينا الدليل الذي يثبت
الحجية شرعاً أو ينفيها. وعندئذٍ يجب أن نرجع إلى قاعدةٍ عامّةٍ يقرِّرها
الاصوليّون بهذا الصدد ، وهي القاعدة القائلة : « إنّ كلّ دليلٍ ناقصٍ ليس حجّةً
ما لم يثبت بالدليل الشرعيّ العكس » ، وهذا هو معنى ما يقال في علم الاصول من :
أنّ « الأصل في الظن هو عدم الحجّية ، إلاّما خرج بدليلٍ قطعي ». ونستخلص من ذلك :
أنّ الدليل الجدير بالاعتماد عليه فقهيّاً هو الدليل القطعي ، أو الدليل الناقص
الذي ثبتت حجّيته شرعاً بدليلٍ قطعي.
تقسيم البحث :
والدليل المحرز في
المسألة الفقهية سواء كان قطعيّاً أوْ لا ينقسم إلى قسمين :
الأوّل : الدليل
الشرعي ، ونعني به كلّ ما يصدر من الشارع ممّا له دلالة على الحكم الشرعي ، ويشتمل
ذلك على الكتاب الكريم ، وعلى السنّة ، وهي : قول المعصوم وفعله وتقريره.
الثاني : الدليل
العقلي ، ونعني به القضايا التي يدركها العقل ويمكن أن يستنبط منها حكم شرعي ،
كالقضية العقلية القائلة بأنّ « إيجاب شيءٍ يستلزم إيجاب مقدّمته ».