وبالجملة : فالمقدمة بحسب مصطلح الاصوليّين عبارة عمّا يتوقّف عليه الشيء ، والمناسبة بين المعنيين ظاهرة.
وكيف كان ، فلها تقسيمات مختلفة باعتبارات متفاوتة :
منها : تقسيمها إلى الداخليّة والخارجيّة.
فالمراد بالأوّل : ما كان داخلا في ذيها ، كأجزاء الماهيّة المركّبة ، فإنّها ممّا يتوقّف عليها ، ضرورة احتياج الكلّ إلى الأجزاء [١] مع دخولها في حقيقته وماهيّته.
والمراد بالثاني : ما كان خارجا عنها فيما إذا كان ممّا يتوقّف عليه وجود ذيها. وهذا القسم في الواقع يقع على أنحاء : فتارة يكون على وجه يمتنع تخلّف ذيها عنها ، وتارة يكون على وجه لو لم يكن ما يمنع منه لكان مترتّبا عليه ، وتارة يكون ممّا يستند إليه بعد حصول الشرائط المعتبرة في تأثيره أو في تأثّر المحلّ منه ، وتارة يكون على وجه له مدخل ، في وجود ذي المقدّمة ، فتارة : بوجوده [٢] فقط ، واخرى : بعدمه فقط ، ومرّة : بهما معا.
وقد جرى اصطلاح أرباب النظر على تسمية القسم الأوّل بالعلّة التامّة ـ كما يظهر من مطاوي كلماتهم ـ والقسم الثاني بالمقتضي ، ويدلّ على ذلك ملاحظة موارد استدلالاتهم في المقامات المختلفة من وجود المقتضي وارتفاع المانع ، فلولا أنّ المقتضي هو مجموع ما يتوقّف عليه الشيء ما عدا المانع لم يكن الاستدلال موجّها ؛ لاحتمال انتفاء [٣] شرط من شروط التأثير.
ويظهر من بعضهم : أنّ السبب في مصطلح الفقهاء هو المقتضي. وليس كذلك ، بل الظاهر أنّ السبب في مصطلحهم هو القسم الثالث.
[١] في ( م ) و ( ع ) : افتقار الكلّ إلى أجزائه. [٢] في ( م ) و ( ع ) : « لوجوده » ، وهكذا فيما يأتي : لعدمه ، لهما. [٣] في ( م ) و ( ع ) بدل « انتفاء » : « فقد ».