عرفت من أنّه عبارة عن التصدي نحو المقصود خارجاً ، وهو من الأفعال الخارجية وليس من المفاهيم اللفظية في شيء حتّى يدعي أنّه كلام نفسي ، ومن هنا قلنا إنّ الصيغة مصداق للطلب ، لا أنّها وضعت بازائه.
فالنتيجة على ضوء هذا البيان أمران : الأوّل فساد توهم كون الطلب منشأ بالصيغة أو ما شاكلها. الثاني : أنّ الأشاعرة قد أخطأوا هنا في نقطة وأصابوا في نقطة اخرى. أمّا النقطة الخاطئة فهي أنّهم جعلوا الطلب من الصفات النفسانية ، وقد عرفت خطأ ذلك. وأمّا النقطة الثانية فهي أنّهم جعلوا الطلب مغايراً للارادة ذاتاً وعيناً وقد سبق صحّة ذلك.
وأمّا الثالث : فنفس اختلاف كلماتهم في تفسيره يعني مرّة بالطلب ، واخرى بالخبر ، وثالثة بالأمر ، ورابعة بصيغة الأمر شاهد صدق على أنّهم أيضاً لم يتصوّروا له معنى محصلاً ، إلاّ أن يقال إنّ ذلك منهم مجرد اختلاف في التعبير واللفظ والمقصود واحد ، ولكن ننقل الكلام إلى ذلك المقصود الواحد وقد عرفت أنّه لا واقع موضوعي له أصلاً ، ولا يخرج عن حدّ الفرض والخيال.
وأمّا الرابع : فقد ظهر جوابه ممّا ذكرناه [١] بصورة مفصّلة من أنّه ليس في الجمل الخبرية والانشائية شيء يصلح أن يكون كلاماً نفسياً.
وقد استدلّ على الكلام النفسي بعدّة وجوه اخر :
الأوّل : أنّ الله تعالى قد وصف نفسه بالتكلّم في الكتاب الكريم بقوله (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)[٢] ومن المعلوم أنّ التكلم صفة له كالعلم والقدرة والحياة وما شاكلها ، هذا من ناحية.