بل هي تتصف بالوجود عند وجود أسبابها ، وبالعدم عند عدمها.
ولتحقيق الكلام في المقامين نقول :
أمّا المقام الأوّل : فالأمر كما ذهب إليه المشهور من جواز التمسك بالاطلاقات حتّى على القول بالصحيح ، والوجه في ذلك : هو أنّ المعاملات امور عرفية عقلائية وليست من الماهيات المخترعة عند الشارع المقدس ، وإنّما هي ماهيات قد اخترعها العقلاء قبل هذه الشريعة لتمشية نظام الحياة ، ثمّ لمّا جاء نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله لم يخالفهم في هذه الطريقة المستقرّة عندهم ، ولم يجعل صلىاللهعليهوآله طرقاً خاصة لا بدّ للناس أن يمشي على طبق تلك الطرق ، بل ولم يتصرف فيها تصرفاً أساسياً ، بل أمضاها على ما كانت عندهم ، وتكلم بلسانهم ، فهو صلىاللهعليهوآله كأحدهم من هذه الجهة.
نعم ، قد تصرّف صلىاللهعليهوآله فيها في بعض الموارد ، فنهى عن بعض المعاملات كالمعاملة الربوية وما شاكلها ، وزاد في بعضها قيداً أو جزءاً لم يكن معتبراً عند العقلاء ، كاعتبار البلوغ في المتعاقدين ، واعتبار الصيغة في بعض الموارد.
وعلى ذلك الأصل نحمل ما ورد في الشرع من الآيات والروايات كقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[١] ، (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)[٢] ، (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)[٣] ، وكقوله صلىاللهعليهوآله : « النكاح سنّتي » [٤] ، « والصلح جائز » [٥] ونحو ذلك ، على المفاهيم التي قد استقرّت عندهم ، وجرى ديدنهم عليها ، فانّه ( صلىاللهعليهوآله )