اعلم أن اللطف هو ما عنده يختار المكلف ما كلفه ، ولولاه لكان يخل به فما علم ذلك من حاله وصفناه لطفا ، وربما يذكر فى جملة اللطف ما يكون المكلف عنده أقرب إلى فعل ما كلف ، أو يكون فعل ما كلف أسهل عليه ، وأقرب إلى وقوعه منه ، ولا يؤثر فيما ذكرناه بين الفعل والكف ؛ لأنه إذا كان إنما يختار ما كلف عند [٢] أمر ما ، ولولاه كان لا يختاره ، وجب فعله. وكذلك إن كان لا يكف عن المعاصى إلا عند أمر ، ولولاه كان يفعلها ، فلا بد من أن يفعله تعالى أو يمكن منه.
وإنما قلنا فى اللطف : إنه واجب لا بد منه ؛ لأنه تعالى إذا قصد بالتكليف تعريض المكلف للثواب ، وعلم أنه لا يتعرض للوصول إليه إلا عند أمر لولاه لكان لا يتعرض ، فلو لم يفعله لنقص ذلك الغرض الذى له كلف. كما أن أحدنا لو كان غرضه من زيد إذا دعاه إلى طعامه أن [٣] يحضره فيأكل طعامه ، وعلم أنه لا يختار ذلك إلا عند اللطف فى المسألة ، فلو لم يفعله لنقض ذلك الغرض الذى دعاه إلى طعامه ، ويحل بإخلاله بذلك محل أن يمنعه من نفس تناول الطعام. وكذلك لو لم يفعل تعالى اللطف الذى ذكرناه ، كان بمنزلة أن لا يمكن العبد مما كلفه من قبح التكليف.
[١] انظر المغنى : ١٣ / ٩. شرح الأصول الخمسة ، ص : ٧٧٩.[٢] فى الأصل : عنده. [٣] فى الأصل : أو.
نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 719