نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 574
ومن سورة يس
٦١٤ ـ مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه أقام الحجة على بعض دون بعض ، فقال : ( لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ ) [٦]
والجواب عن ذلك : أن الإنذار إذا كان من قبل الرسول فغير ممتنع أن ينذر قومه « دون من [١] تقدمهم ، إن لم يكن إرسال الرسول إليهم مصلحة لهم ، فاقتصر بهم على ما كلفوه من جهة العقل. وإنما لم ينذروا بالسمع للاستغناء عنه ، فلأن الحجة قامت عليهم فى سائر ما كلفوه بالعقل دونه ، فبين تعالى أن قبل بعثته الرسول ، صلى الله عليه ، كانت الحال حال فترة لم يبعث فيها الرسل ، وإن كان التكليف قائما ، فليس فى ظاهر الكلام ما يمنع مما ذكرناه!
وبعد ، فإن المخالفين لا يقولون بجواز التكليف مع عدم الدلالة والحجج ، فلا بد من أن يتأولوا هذه الآيات على بعض الوجوه. وإنما يلزمهم جواز التكليف مع عدم الدلالة ، على قولهم بجوازه مع عدم القدرة ، ويبين أن الحاجة إلى القدرة آكد من الحاجة إلى الدلالة ، فإذا جاز التكليف معه فبأن يجوز مع عدم الدلالة أولى ، وإلا فالقوم لا يرتكبون ذلك على وجه!
٦١٥ ـ مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه قد يكلف ويمنع مما كلف : فقال : ( إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) [٩]