قال محمد بن إدريس : ولا أرى لهذا القول وجها ، لأنّ المئونة هاهنا غير معتبرة ، بل الواجب قسمة الغنيمة بين الغانمين ، على رءوسهم ، وخيلهم ، دون مؤونتهم ، بغير خلاف ، بين أصحابنا في ذلك ، للمقاتل سهمه ، سواء كان قليل المئونة ، أو كثيرها.
والخمس يأخذه الإمام ، فيقسمه ستة أقسام ، قسما لله ، وقسما لرسوله ، وقسما لذي القربى ، فقسم الله ، وقسم رسوله ، وقسم ذي القربى ، للإمام خاصّة ، يصرفه في أمور نفسه ، وما يلزمه من مئونة من يجب عليه نفقته ، وسهم ليتامى بني هاشم ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم. وليس لغير بني هاشم شيء من الأخماس ، وهؤلاء الذين يحرم عليهم زكاة الأموال الواجبة ، مع تمكنهم من مستحقاتهم ، وأخماسهم ، وقد شرحناهم ، وحققنا نسبهم ، فيما مضى من أبواب الزكاة ، فلا نطوّل بذكره هاهنا.
وعلى الإمام أن يقسم سهامهم فيهم على قدر كفايتهم ، ومؤونتهم ، في السنة على الاقتصاد ، فإن فضل من ذلك شيء ، كان هو الحافظ له ، والمتولي لحفظه عليهم ، ولا يجوز أن يتملك منه شيئا لنفسه ، لأنّ الحق لهم ، فلا يجوز له أن يأخذ من مالهم شيئا ، وما يوجد في بعض كتب أصحابنا [٢] من القول المسطور ، فإن فضل من ذلك شيء كان له خاصة ، معناه كان له القيام عليه ، والولاية بالحفظ [٣] ، والتدبير دون رقبته ، وقد يضاف الشيء إلى الغير ، بأن يكون قائما عليه ، ومتوليا لحفظه ، فيقال إنّه له ، وفي القرآن مثل ذلك قال الله تعالى ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ )[٤] فأضاف تعالى المال إلينا وإن كان مالا لليتيم ، ولا يملك المتولي والوصي رقبته بحال ، بغير خلاف ، بل أضافه إلينا ، لأنّا القوّام عليه ، والحفاظ له ، ومثله في كلام العرب كثير ، ويدلك على ما قلناه ، أنّه لا خلاف بين
[١] النهاية : كتاب الخمس ، باب قسمة الغنائم والأخماس. [٢] وهو الشيخ رحمهالله في النهاية [٣] في ط وج : لحفظه [٤] النساء : ٥.
نام کتاب : كتاب السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 492