ثمّ جاء عصر الخليفة الثالث عثمان بن
عفّان والذي أمضى سنّة أبي بكر وعمر في منع تدوين السنّة ، أو التحدّث بها ، ومنع
تداولها ، وأعلن صراحة أنّ كلّ حديث لم يوافق عليه أبو بكر أو عمر فإنّه لن يقبله.
روى المتقي الهندي في كنز العمّال عن
محمود بن لبيد قال : سمعت عثمان ابن عفّان على المنبر يقول : لا يحلّ لأحد يروي
حديثاً لم يسمع به في عهد أبي بكر ، ولا عهد عمر ، فإنّي لم يمنعني أنْ أحدّث عن
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أنْ لا أكون أوعى أصحابه عنده ، إلا أنّي سمعته
يقول : « من قال عليّ ما لم أقل ، فقد تبوّأ مقعده من النار » [١].
إذن ، عثمان بن عفّان أيضاً اتّبع سنّة
أبي بكر وعمر في منع التحديث بالسنّة النبويّة ، والحديث النبوي ، وادّعى أنّ
الحديث الذي لم يسمع به في عهد أبي بكر وعمر لا يجوز لأحد أنْ يرويه ، وأتساءل
ماذا روي أصلا في زمن أبي بكر وعمر ، ألم يحرقوا السنّة ، ومنعوا تدوينها ،
وعاقبوا على ذلك؟ لكنّ عثمان بدلاً من ذلك ، كثّف وجود القصّاصين في المساجد ،
وعيّن لهم أيّاما إضافيّة ، حتّى يرووا للمسلمين قصص الإسرائيليات بدلاً من سنّة رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وبذلك يكون قد أوفى ببيعته لعبد الرحمن بن عوف على اتّباع سنّة أبي بكر وعمر ،
التي رفضها أمير
[١] كنز العمّال ١٠
: ٢٩٥ ، عن الطبقات الكبرى ٢ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.