قال ابن حزم بعد أن ذكر هذه الآية مانصّه : وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شكّ التي تخلّف فيها الثلاثة المعذورون الّذين تاب الله عليهم في سورة براءة ، ولم يغزُ عليهالسلام بعد غزوة تبوك إلىٰ أن مات. وقال تعالىٰ أيضاً : (سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ)[٢] فبيّن أنّ العرب لايغزون مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد تبوك [٣] !.
وهذا أوّل التهافت ! فالآية الثانية ، آية سورة الفتح ، نزلت في الحديبية سنة ستّ للهجرة بلا خلاف ، أي قبل تبوك بثلاث سنين ! ويتّضح التهافت جليّاً حين يواصل القول مباشرةً : ( ثمّ عطف سبحانه وتعالىٰ عليهم إثر منعه إيّاهم من الغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وغلق باب التوبة فقال تعالىٰ : (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) فأخبر تعالىٰ أنّهم سيدعوهم غير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ قومٍ يقاتلونهم أو يُسلمون ) [٤].
وهكذا قلب ترتيب الآيات ، فقدّم آية التوبة النازلة بعد تبوك سنة تسع ، وأخّر آية الفتح النازلة في الحديبية سنة ستّ ، ليتّفق له مايريد !!
[١] التوبة ٩ : ٨٣. [٢] الفتح ٤٨ : ١٥. [٣] الفصل ٤ : ١٠٩. [٤] الفصل ٤ : ١٠٩.
نام کتاب : خلافة الرسول صلّى الله عليه وآله بين الشورى والنصّ نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 87