قول المصنف : ولا تفنى بفنائه ـ ان كثيرا من القوم جعلوا الكلام فى موضعين : الاول انها لا تفنى بفناء البدن والثانى انها لا تفنى مطلقا ، والكلام فى الموضع الثانى يغنى عن الكلام فى الموضع الاول فلذا اتى الشارح بدليلين على انها لا تفنى مطلقا.
قول الشارح : اما الاوائل فقد اختلفوا أيضا ـ هذا الاختلاف على المبنى فان من الاوائل من قال بمغايرة النفس للبدن فهو على انها لا تفنى ، ومنهم من قال انها هو او امر حال فيه فهو لا محالة على انها تفنى بفناء البدن بل لا معنى لفناء النفس عنده الا فناء البدن.
قوله : اما اصحابنا ـ يعنى المتكلمين فى قبال الفلاسفة ، وقد نقل الاجماع من المتكلمين على بقاء النفس بعد البدن.
قوله : على ما يأتى ـ فى المسألة الرابعة من المقصد السادس إن شاء الله تعالى.
قوله : لما ثبت من امتناع الخ ـ فى المسألة الاربعين من الفصل الاول من المقصد الاول.
اعلم ان على هذا المطلب شواهد من الآيات والاخبار : كقوله تعالى : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ) ، وقوله تعالى : ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) ، وقوله تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) ، وغيرها على كثرتها
وكقول النبي 6 : خلقتم للبقاء لا للفناء ، وقوله : خلقتم للابد وانما تنقلون من دار الى دار ، وقوله : الارض لا تأكل محل الايمان ، وامثال هذه الاخبار التى تدل مطابقة او التزاما على بقاء النفوس البشرية كثيرة بحيث تجاوزت عن حد التواتر ويحصل اليقين للمسلم الناظر فيها قطعا.