[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) أن ذلك يدل على انه صلّى الله عليه وسلم رأى ربه مرة بعد أخرى. وجوابنا أن المراد بذلك جبرائيل 7 لأنه المذكور من قبل بقوله تعالى ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ) ثمّ قال بعد ذلك ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) فأثبته رائيا له ثمّ قال ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) فأثبته رائيا له ثانيا وأراد رؤيته له على صورته التي هو عليها فقد كان ينزل على غير صورته في سائر الحالات وبين ما قلناه قوله تعالى ( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) وذلك لا يليق إلا بجبرائيل 7 وقوله تعالى من بعد ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) يدل على أنه يغفر إلمام الانسان بصغائر المعاصي إذا اجتنبت الكبائر وقوله تعالى ( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) فيه دلالة على أن أحدا لا يؤخذ بذنب غيره.
[ مسألة ] وربما قالوا ان قوله تعالى ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) يدل على أن أفعالنا مخلوقة لله تعالى. وجوابنا أن ذلك إن دل فانما يدل على أنه فعل الضحك والبكاء ولا عموم فيهما فان فعلهما تعالى باثنين ثمّ الظاهر فمن أين أن كل ضحك وبكاء من فعل الله تعالى. فان قيل فما قولكم في الضحك أهو من فعل العبد أو من فعل الله وقد يتعذر على المرء ترك الضحك فكيف يكون من