[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) ان ذلك كالنص في انه تعالى جسم يجوز عليه المكان. وجوابنا ان المراد بالاستواء الاستيلاء والاقتدار كما يقال استوى الخليفة على العراق وكما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ودم مهراق
وقد ثبت بدليل العقل أن ما يصح عليه الاستواء من الأجسام. ولا يكون إلا محدثا مفعولا فلا بد من هذا التأويل ( فإن قيل ) فلما ذا قال الله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوى ) ومعلوم أن اقتداره لم يتجدد. وجوابنا ان ثمّ في اللفظ دخلت على الاستواء والمراد دخولها على التدبير وهو قوله ( ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) والتدبير من الله تعالى حادث.
ومتى قيل فلما ذا خص العرش بالذكر وهو مقتدر على كل شيء فجوابنا لعظم العرش وهذا كقوله تعالى ( رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) وان كان ربا لغيرهما ومعنى قوله بعد ذلك ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ) ان مرجع الخلق اليه حيث لا مالك سواه ، كما يقال رجع أمرنا الى الخليفة اذا كان هو الناظر. في أمرهم وليس المراد بذلك المكان.