بالحواسّ عندك فيسألك المسترشد في طلبه استعمال الحواسّ ، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الأمر كذلك؟ فقال أمير المؤمنين 7 : تعالى الملك الجبّار أن يوصف بمقدار ، أو تدركه الحواسّ ، أو يقاس بالناس. والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالّة ذوي الاعتبار بما هو منها مشهود ومعقول [١].
وعن الرضا صلوات الله عليه في خطبة : بصنع الله يستدلّ عليه ، وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت حجّته [٢].
وعن أمير المؤمنين 7 في خطبة : دليله آياته ، ووجوده إثباته [٣].
وفي نهج البلاغة : روى مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمّد 8 أنّه قال : خطب أمير المؤمنين بهذه الخطبة على منبر الكوفة ، وذلك أنّ رجلا أتاه فقال له : يا أمير المؤمنين ، صف لنا ربّنا مثلما نراه عيانا لنزداد له حبّا ، وبه معرفة ، فغضب ونادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس حتى غصّ المسجد بأهله ، فصعد المنبر وهو مغضب متغيّر اللون ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي 9 ، ثمّ قال : ... الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، ولا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود [٤] كان قبله ، وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوّته ، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، فظهرت البدائع التي أحدثتها [٥] آثار صنعته وأعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق حجّة له ودليلا عليه ، وإن كان خلقا صامتا فحجّته بالتدبير ناطقة ، ودلالته على المبدع قائمة [٦].
ويناسب هنا التدبّر في ما فصّله وبيّنه الإمام الصادق ولسان الله الناطق ـ على ما رواه عنه مفضّل بن عمر ـ من الآيات التكوينيّة حيث قال 7 : ... يا مفضّل ، إنّ الجهّال
[١] البحار ١٠ : ٥٦ ، عن أمالي الطوسي. [٢] البحار ٤ : ٢٢٨ ، عن التوحيد والعيون. [٣] البحار ٤ : ٢٥٣ ، عن الاحتجاج. [٤] وفي نسخة : معهود. [٥] كذا فيما ضبطه صبحي صالح ، وفي شرح عبده وفيض الإسلام : وظهرت في البدائع التي أحدثها ... [٦] نهج البلاغة : الخطبة ٩١.