وكذا معرفة ما جاء به الرسول 9 في هذا الباب ، فإنّ بها تعرف حقّيّة الدين وحقيقته ، وبها تتمّ الحجّة على الناس ، بل هي من أهمّ شئون الرسالة ووظائف الرسول ، وما ينبغي أن يتكفّله من أمر الأمّة ، كي يحفظهم عن الضلالة فيه ، كما عنه 9 : بالتعليم أرسلت [١].
فلا ينبغي احتمال أنّ الله تعالى وكل أمر الناس في استكمال المعرفة وتحصيل درجاتها المتعالية ـ بعد حصول أوّل درجاتها بالعقل والفطرة ، والإيمان بالله وبنبيّه ـ إلى غير النبيّ والائمّة القائمين مقامه صلوات الله عليهم ، وأنّهم تركوهم محتاجين في هذا الأمر إلى غيرهم ، كلاّ ، إلاّ بمقدار لا بدّ منه عادة في طريق التعلّم من حملة علومهم ، كما قال الله تعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )[٣].
وليحذر العاقل أن يطلب الهداية إلى الله تعالى وإلى دينه الذي أساسه المعرفة بالله تعالى ، من غير القرآن وحملة علومه ، وأن يسلك في طريق المعرفة به غير طريقهم :.
فعن أمير المؤمنين 7 في رواية شريفة ، قال : سمعت رسول الله 9 يقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمّد ، ستكون في أمّتك فتنة ، قلت : فما المخرج منها؟ فقال : كتاب الله فيه بيان ما قبلكم من خبر ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من وليه من جبّار فعمل بغيره قصمه الله ، ومن التمس الهدى في غيره أضلّه الله.
وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، لا تزيّفه الأهواء ولا تلبسه الألسنة ، ولا يخلق عن الردّ ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ...
ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم ، هو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين