بالعقل أنّه إذا وجدتها النفس صار ذلك منشأ لعقالها عن ارتكاب الأفعال التي يرتكبها الجهّال ، كما في النبويّ : إنّ العقل عقال من الجهل ، والنفس مثل أخبث الدوابّ ، فإن لم تعقل حارت [١].
فالعقل ـ كالعلم ـ ظاهر بذاته للعاقل ، ومغاير حقيقته لحقيقة الإنسان العاقل.
كما يشير إلى مغايرته قوله 9 : ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت.
ويرشد إلى المغايرة إطلاق الرسول والحجّة عليه ، كما في كلام موسى بن جعفر وعلي بن موسى 8 ، فيكون هو الرسول ، والإنسان هو المرسل إليه.
هذا بعض الكلام في مغايرته للعاقل ، وأمّا مغايرته للمعقولات مطلقا فلما ذكرناه من أنّه ظاهر بذاته ومظهر لغيره ، والمعقولات ليست كذلك. والدليل على ما ذكرنا كلّه نفس العقل المعرّف لنفسه وللعاقل والمعقول.
فمن مجموع ما ذكرنا ظهر أنّ المراد من قول موسى بن جعفر 8 لهشام : يا هشام إنّ الله يقول : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ )[٥] يعنى العقل [٦] ، أنّ القلب هو الذي له العقل ، لا أنّ القلب هو العقل بعينه ، فإنّه ينافي قوله 9 : مثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت ، وغيره من الروايات المتقدّمة.