الأسفار [١] ، قال : فلنذكر أدلّة سمعية لهذا المطلب حتى يعلم أنّ الشرع والعقل متطابقان في هذه المسألة كما في سائر الحكميّات. وحاشا الشريعة الإلهيّة البيضاء أن تكون أحكامها مصادمة للمعارف اليقينيّة الضروريّة ، وتبّا لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنّة.
أمّا الآيات المشيرة إلى تجرّد النفس فمنها قوله تعالى ـ في حقّ آدم 7 وأولاده ـ : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي )[٢].
وفي حقّ عيسى 7 : ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ )[٣] ، وهذه الإضافة تنادي على شرف الروح وكونها عريّة عن عالم الأجسام.
وفي حق شيخ الأنبياء إبراهيم الخليل 7 : ( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )[٤].
وقوله حكاية عنه : ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً )[٥] ، ومعلوم أنّ الجسم وقواه ليس شيئا منها بهذه الصفات السنيّة من رؤية عالم الملكوت ، والإيقان ، والتوجّه بوجه الذات لفاطر السّماوات. والحنيفيّة ، أي الطهارة والقدس.
ومنها قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ )[٦].
ومنها قوله تعالى : ( سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ )[٧].
وقوله تعالى : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ )[٨].
[١] من هنا إلى قوله : لا يصعد من السماء إلاّ من نزل منها ، عبارة الأسفار ٨ : ٣٠٤ ، ولبعض الأحاديث مستند آخر نشير إليه في الهامش. [٢] الحجر ٢٩ ، ص ٧٢. [٣] النساء ١٧١. [٤] الأنعام ٧٥. [٥] الأنعام ٧٩. [٦] المؤمنون ١٤. [٧] يس ٣٦. [٨] فاطر ١٠.