وإن كان غيره ، ففيه : أنّه وإن أمكن قيام دليل عليه لأنّه أمر متصور معقول على ما عرفت إلاّ أنّه ليس لنا دليل يدلّ على هذا لا من العقل ولا من النّقل ، أمّا من الثّاني فظاهر ، وأمّا الأوّل فلما عرفت تفصيل القول فيه.
هذا محصّل ما يستفاد من كلامه في توضيح المرام وبيان ما هو المقصود في المقام ، وبمثله لا بدّ من أن يحرّر الكلام لا بمثل ما حرّره الأستاذ العلاّمة قدسسره فإنّه لا يخلو عن مناقشة ؛ فإنّه يرد على ما استدركه بقوله ـ : « إلاّ أن يقال : إنّ المدّعي للخطاب التّخييري ... إلى آخره » [١] ـ : أنّ هذا المدّعى من القائل بالتّخيير ممّا لا يعقل ، فإنّ مفروض البحث في دوران الأمر بين الوجوب والتّحريم التّوصّليّين. فكيف يمكن للقائل بوجوب التّخيير القول بلزوم قصد التعبّد بالنّسبة إلى ما يختاره؟
فالمتعيّن أن يقال ـ بدل ما ذكر ـ : إلاّ أن يقال : إنّ المدّعي للخطاب التّخييري إنّما يدّعي ثبوته بمعنى دلالته على وجوب الالتزام بأحد الحكمين ظاهرا وإن لم يقصد التّقرب في مقام الإتيان أصلا ، فإنّ هذا هو محطّ نظر من يدّعي التّخيير في المقام ليس إلاّ. اللهمّ إلا أن يراد من التّعبد : الالتزام ، كما هو الظّاهر عند التّأمّل هذا.
ولكن وجدت في بعض النّسخ بدل ما عرفت من الاستدراك : ( إلاّ أن يلتزم بأنّ الخطاب المدّعى ثبوته ليس الغرض منه ما هو حاصل بدونه ، بل المقصود صدور واحد من الفعل أو التّرك مع الالتزام بحكم لا على وجه عدم المبالات ). انتهى.