ملاحظته لسبب نزولها تنكشف له الحقيقة ، وأنّ نساء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تشملهن آية التطهير جزماً ; إذ كيف تشملهن وفيهن عائشة وحفصة ، وحسبك ما أخرجه البخاري [١] عن عائشة نفسها ، قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ، ويمكث عندها ، فتواطأت أنا وحفصة على أيّتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير؟ قال : لا ، ولكن أشرب عسلا عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، لا تخبري بذلك أحداً » لكنّها أخبرت وخالفت نهي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْض فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ )[٢] فما فعلتاه من التواطؤ ، وما فعلته عائشة من الإنباء ، ومخالفة نهي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كيف يتّفق منطوق الآية الكريمة الصريحة في نفي الرجس مطلقاً وإثبات الطهارة المطلقة.
قال تعالى : ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ )[٣] وهذا تصريح آخر واضح بارتكابهما المعصية ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) أي مالت وعدلت عن الحق ، وأنت
[١] صحيح البخاري ٦ : ١٦٧. [٢] سورة التحريم : ٣. [٣] سورة التحريم : ٤.