نام کتاب : المعاد الجسماني نویسنده : الساعدي، شاكر عطية جلد : 1 صفحه : 166
واقعيتها وحقيقتها ، فالعدل والحکمة لهما خصائص هذه الصفة باعتبار استنادهما عليها ، وعليه فالبرهان قائم على مقدمتين واقعيتين حقيقيتين بهذا الاعتبار ، فتأمل !
وبعد ثبوت هذا الأمر ، نقول إن الله تعالى کلَّف عبده بمجموعة تکاليف تحمل من أجلها الآلام والإيذاء ، وهو يستلزم العوض عليها ، وإلا لکان ظلم منه تعالى لعبده ، وساحته منزَّهة عن هذا ، کما وصف نفسه تعالى بقوله : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) ، [١] ولقوله : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) ، [٢] لقوله : (لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ) ، [٣] وغيرها ، بل هو مقتضى عدله وحکمته أن يعطيه أجره على ذلک ، ومادام العبد لم يحصل على هذا الأجر في عالم الدنيا ، فوجب عليه من هذا لمنطلق أن يعطيه إياه في يوم توفّى فيه کل نفس ما عملت من خير أو شر ، وذلک هو اليوم الآخر.
الدليل الثاني : الدليل السمعي : وقد عبر عنه بقوله : ( الضرورة الدينية قاضية بثبوت الجسمانية من دين محمد 6 مع إمکانه ). [٤]
ويمکن أن يعترض عليه بما يلي :
أولاً : ما المقصود من هذه الضرورة ، وما هي حدودها ، ولماذا قيدت بدين النبي محمد 9 ؟
ويمکن أن نجيب عن السؤال باحتمالين ، وهما : إنّ المراد منها هي خصوصية الضرورة الدينية ، وعندئذ نسأل هل المقصود منها الإجماع والاتفاق الحاصل لعلماء الأمة الإسلامية من دين محمد 9 أم أن المقصود منها الحکم العقلي المؤيد بالشرع المحمدي الحنيف ؟
فعلى الأول ، يکون الإجماع مدرکياً ، فيرجع في ثبوته وعدمه إلى تحقيق المدرک المتکئ عليه ، کما هو الظاهر من کلامه الشريف إرادته منه خصوص
[١] فصلت ، ٤٦. [٢] آل عمران ، ١٨٢ ؛ الأنفال ، ٥١ ؛ الحج ، ١٠. [٣] التوبة ، ١٢٠ ؛ يوسف ، ٩٠ ؛ هود ، ١١٥. [٤]کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الشيخ السبحاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢٥٨.
نام کتاب : المعاد الجسماني نویسنده : الساعدي، شاكر عطية جلد : 1 صفحه : 166