وسواء كانت هذه النقول صحيحة على إطلاقها ، أم كان ابن الضائع وأبو حيّان هما المدّعيين لها لحاجتهم إلى ردّ ابن مالك الذي اطلق الاحتجاج بالحديث ، فإن مما لا شك فيه أنّ بعض اللغويين والنحاة لم يكونوا يحتجون بالحديث النبوي الشريف ؛ وإذا ذكروه فعلى وجه التبرّك والاستظهار ، فكان ذلك من أكبر الخلل عندهم [٢].
وقد سارت اللغة عكس التيار الذي أراده ذلك البعض ، فيتصدى لهم الأئمّة في اللغة والنحو ، وفتحوا باب الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف ، وكان على رأسهم فى زمن بروز هذه الدعوى ابن مالك المتوفى سنة ٦٧٢ ه حيث اعتمد الحديث النبوي أصلا من أصول اللّغة والنحو.
وذكر الدماميني المتوفى سنة ٨٢٧ ه أن كثيرا من الأئمّة قبل ابن مالك كانوا يعتمدون الحديث بلا تردّد ، وعدّ منهم ابن جني ( ت ٣٩٢ ه ) وابن فارس ( ت ٣٩٥ ه ) والجوهري ( ت ٣٩٨ ه ) ، وابن سيدة ( ت ٤٥٨ ه ) والسهيلي ( ت ٥٨١ ه ) وابن بري ( ت ٥٨٢ ه ) وابن خروف ( ت ٦٠٩ ه ) ، وقال : إنّ أحدا من علماء العربية لم يخالف ذلك الا ابا حيان وابن الضائع وتابعهما من بعد جلال الدين السيوطي [٣].
وفي عسر هذا المخاض ، لم نجد لهم كلاما واضحا صريحا في مدى الاحتجاج بكلام أئمّة أهل البيت : ، سوى ما ذهب إليه الرضي الاسترابادي المتوفّى سنة
[١] الخليل بن أحمد الفراهيدي : ٧٩. للدكتور المخزومي. [٢] انظر كتاب مدرسة الكوفة : ٥٨. للمخزومي. [٣] انظر الاستشهاد بالحديث في اللغة : مقال لمحمد الخضر حسين ، مجلة مجمع اللغة العربية ٣ : ١٩٩.
نام کتاب : الطّراز الأوّل نویسنده : ابن معصوم المدني جلد : 0 صفحه : 320