الاولى : ـ عدم تعقّل الإهمال النفس الأمريّ في متعلّقات الأحكام وموضوعاتها بالنسبة إلى كلّ واحد من انقساماتها المنقسمة هي بنفسها إليها [١] مع علم الآمر بذلك والتفاته إلى ما له دخل منها وجودا أو عدما في غرضه وما يتساوى طرفاه فيه [٢] ، وامتناعه أوضح وأظهر من أن يبرهن عليه باستحالة قيام العرض بمبهم لا تحصّل له في حدّ معروضيّته [٣] ـ كما لا يخفى.
[١] فلا بدّ إمّا من إطلاقها النفس الأمريّ أو تقييدها كذلك بأحد طرفي الانقسام ـ الوجود أو العدم ـ ، ولا يعقل الإهمال الثبوتيّ من العالم الملتفت ، أمّا الإثباتي فلا مانع منه ، والتفصيل مذكور في محلّه. [٢] أي : يتساوى وجوده وعدمه في غرضه. [٣] بدعوى أنّ الحكم الشرعي عرض لمتعلّقه أو لموضوعه ، فيستحيل قيامه بمتعلّق مبهم أو موضوع مهمل. هذا ، وفي العبارة دلالة على وضوح المطلب وعدم افتقاره إلى البرهان ، كما أنّ فيها إشعارا بأنّ ما ذكر ليس هو برهانه الحقيقي.
ووجهه أنّ الأحكام الشرعيّة ليست من سنخ المقولات العرضيّة ، بل هي أمور اعتباريّة جعليّة لا تأصّل لها في الأعيان ، نعم تشابهها في أنّ الوضعيّة منها تحمل على موضوعاتها الجوهريّة ، والتكليفيّة توصف بها الأفعال ، وبهذا الاعتبار تحتاج إلى محلّ تقوم به حذو الأعراض ، وإبهام المحلّ وعدم تحصّله ممتنع من غير فرق بين البابين.
نعم هناك فرق بينهما من حيث إنّ الاستحالة في الأعراض ذاتيّة ، وفي الأحكام والاعتباريّات وقوعيّة ، إذ الإهمال المذكور لا يزيد على كونه ممتنع الصدور من العاقل الملتفت ، ولو كان ممتنعا ذاتا لامتنع