العقلي عند انتفاء أحدهما هو الجهل بنفس التكليف [١] وأثره الأمن من العقاب على مخالفته ، وعند انتفاء الآخر هو العجز عن متعلّق التكليف وأثره سقوط نفسه ، ومع هذا البون البعيد بينهما من هاتين الجهتين [٢] فكيف يقاس أحدهما بالآخر فيما يمتازان فيه؟.
وأمّا الثاني ففيه أوّلا : أنّ مقتضى كون الخطاب غيريّا مسوقا لبيان الارتباط والقيديّة ، لا لإنشاء الطلب به هو انسلاخه عن الطلب المولويّ بالكليّة [٣] ، ألا ترى أنّه قد ورد لبيان ماله دخل في متعلّقات التكاليف الوجوبيّة والاستحبابيّة وأبواب الأسباب ، [٤] ، بل المباحات العادية [٥] بجامع واحد من دون تفكيك في مدلوله
[١] لا بمتعلقه ، فإنّ العالم بالتكليف الجاهل بمتعلّقه لا يعذر في مخالفته ، بل عليه معرفة ما طلب منه المولى ثم امتثاله. [٢] إحداهما كون الجهل متعلقا بنفس التكليف والعجز بمتعلقه ، والثاني كون أثر الأول سقوط العقاب على مخالفته وأثر الثاني سقوط أصله. [٣] فمدلوله ـ على خلاف مدلول الخطاب النفسي ـ أجنبي عن إنشاء الطلب رأسا ومقصور على بيان الجزئية أو القيدية ودخالتها في الماهيّة المركبة ، وهذا أمر عقلي صرف مطرد في جميع الماهيات شرعية كانت أم غيرها ، ولأجله تعدّ أوامر أو نواهي إرشادية. [٤] المراد بها أبواب المعاملات من العقود والإيقاعات التي هي أسباب لمسبّباتها الاعتبارية. [٥] كما إذا سيق الأمر لتعليم تحضير مأكول أو مشروب مباح مركب من أجزاء خارجية ، فيقال مثلا : خذ كذا من الخلّ وضعه على النار ثم صبّ عليه كذا من السكر ، وهكذا.