لم تكن زعامة الكوفة ولا التلفع بالمكارم العظيمة ولا الإعتصمام بالقبيلة قصرا على المختار بن أبي عبيد الثقفي يومئذ ، فإن في « حاضرة الكوفة » رجالات يكافئون « أبا اسحاق » في العظمة والنفوذ إن لم نقل بأنهم ينيفون عليه ، وإنما وقع اختيار مسلم 7 على المختار حيث عرفه منذ نعومة أظفاره من خاصه البيت العلوي وممن أخلص للعلويين بالمفادات.
وذلك يوم جاء به أبوه إلى أمير المؤمنين 7 فأجلسه على فخذه وهو صبي وقال له وهو يمسح على رأسه : « يا كيّس يا كيّس » [١] ، فكانت هذه الكلمة من سيد الوصيين العالم بما كان ويكون درسا بليغا للواقف عليها تفيده فقها بما يظهر على يد المختار من مظاهر السداد ، وأفعال ذوي الحجى من الأخذ بحقهم ، وطلب تراتهم مشفوعا ذلك بالجزم والكيس ، وان هذه الكلمة الصادرة من أمير المؤمنين 7 من مختبئات المستقبل نعرف من تدوين العلماء لها وتحمل روايتها الاهتمام بها ، وأنها اشربت رمز المستقبل وألمعت الى الحوادث التي يقوم بها ، وكشفت حاشية من الستر المرخى على ذلك الستر المصون.
وكان المختار يحسب لهذه البشارة حسابا ويحدث بها نفسه ، والأحاديث التي أوردها الشيخ الجليل ابن نما الحلي من أعيان القرن السادس في رسالته « أخذ الثار »