وهي ما كان تركها مفضياً إلى الضرر
تدريجياً ، ويكون استعمالها موجباً للتحرز من الضرر ولو مستقبلاً.
ومن أمثلتها ما مرّ من أحاديث المداراة
والمعاشرة ، ومخالقة الناس بأخلاقهم ومخالفتهم بأعمالهم ؛ بحيث يؤدي ترك
ذلك إلى المباينة المؤدية إلى العداوة التي تترتب عليها الأضرار لاحقاً ،
ولا يمكنه الانتقال بعيداً عنهم ، ولا مقاومتهم.
القسم الثالث : التقيّة المباحة :
وهي ما كان فيها التحرز من الضرر
مساوياً لعدم التحرز منه في نظر الشارع المقدس ؛ لكون المصلحة المترتبة على
استخدام التقيّة أو تركها متساويتين كما في إظهار كلمة الكفر إذا كان
الإكراه عليه بالقتل ، فإن في فعل التقيّة هنا مصلحة وهي النجاة من القتل ،
وفي تركها مصلحة أيضاً وهي إعلاء كلمة الإسلام.
ولا يخفى أن هذا يكون في حالة كون
المتقي ليس قدوة للمسلمين ، وأما القدوة فعليه أن يوطن نفسه للقتل كما فعل
حجر بن عدي ، ورشيد الهجري ، وميثم التمار رضوان الله تعالى عليهم ؛ لأنّ
ما يباح لعامّة الناس لا يباح في مثل هذا الحال لقدوتهم ، وسيأتي بعض
التوضيح لهذا في قسم التقيّة المحرمة أيضاً ، مع التأكيد هنا على أن القدوة
الذي يعلم بأن المصلحة المترتبة على بقائه لخدمة الإسلام أعلى من مصلحة
إعلاء كلمته عند الامتناع عن التقيّة ، فله أن يتقي لتفاوت المصلحتين ،
والظاهر