responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأمان من أخطار الأسفار والأزمان نویسنده : السيد بن طاووس    جلد : 1  صفحه : 67

ثم انتزع ورمى وسط الغرض (فنصبه فيه) [١] ، ثم رمى فيه الثانية فشق فواق [٢]سهمه إلى نصله ، ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض ، وهشام يضطرب في مجلسه ، فلم يتمالك أن قال : أجدت ـ يا أبا جعفر ـ وأنت أرمى العرب والعجم ، كلا زعمت أنك كبرت عن الرمي.

ثم أدركته ندامة على ما قال ، وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي ولا بعده في خلافته ، فهم به وأطرق إلى الارض إطراقة يتروى فيه ، وأنا وأبي واقف حذاءه مواجه له ، فلما طال وقوفنا غضب أبي فهم به ، وكان أبي ـ عليه وعلى آبائه السلام ـ إذا غضب نظرإلى السماء نظر غضبان ، يتبين الناظر الغضب في وجهه ، فلما نظرهشام إلى ذلك من أبي قال : إلي يا محمد ، فصعد أبي إلى السرير وأنا أتبعه ، فلما دنا من هشام قام إليه واعتنقه وأقعده عن يمينه ، ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي ، ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له : يا محمد ، لاتزال العرب والعجم يسودها قريش مادام فيهم مثلك ، لله درك! من علمك هذا الرمي؟ وفي كم تعلمته؟ فقال أبي : قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه ، فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته ، فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت فيه ، فقال له : ما رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت ، وماظننت أن في الأرض أحداً يرمي مثل هذا الرمي ، أيرمي جعفرمثل رميك؟ فقال : إنا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله على نبيه 9 في قوله : ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) [٣] والأرض لاتخلو ممن يكمل هذه الامور ، التي يقصرغيرنا عنها.

قال : فلما سمع ذلك من أبي ، انقلبت عينه اليمنى فاحولت واحمر وجهه ، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب ، ثم أطرق هنيئة ثم رفع رأسه فقال لأبي : ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم وأحد؟

فقال أبي : نحن كذلك ، ولكن الله ـ جل ثناؤه ـ اختصنا من مكنون سره


[١] في «ش» : فأثبته في فنصبه.

[٢] الفوق : موضع الوتر من السهم. «الصحاح ـ فوت ـ ٤ : ١٥٤٦».

[٣] المائدة ٥ : ٣.

نام کتاب : الأمان من أخطار الأسفار والأزمان نویسنده : السيد بن طاووس    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست