الأئمة زيادة على ما عندهم من علم النبيّ 6 يقتضي تفضيلهم : على الأنبياء : مطلقا.
وأما مثال الآلوسي الّذي حاول تطبيقه على ما نحن فيه ففاسد من وجوه :
مثال الآلوسي لأفضلية المتقدم مطلقا على المتأخر مطلقا
الأول : إنّا نمنع كون المتقدم مطلقا في أي فن أفضل من المتأخر لا سيما إذا وصل المتأخر بطول باعه وسعة اطلاعه إلى ما لم يصل إليه المتقدم ، ولو كان المتقدم مطلقا أفضل من المتأخر مطلقا لزم الخصم أن يقول بتفضيل الأنبياء المتقدمين على رسول الله 6 لأن عندهما عندهم وزيادة على ما ليس عندهم ، وهذا معلوم بالضرورة بطلانه.
الثاني : إنّ التفضيل كما مرّ صفة يلزم فيها المشاركة من جهة والمفارقة من أخرى ، فإذا قيل فلان أفضل من فلان فلا بد وأن يشتركا معا في صفة الفضل ويزداد الأفضل بصفة مفقودة في الفاضل وهي التي أوجبت أفضليته منه ، فكيف يصح للخصم أن يزعم أن المتقدم في أي فن مطلقا يكون أفضل من المتأخر في ذلك الفن مطلقا ، وإن بلغ المتأخر في العمق والإحاطة إلى ما لم يصل إليه المتقدم مع فرض أنه واجد لما عند المتقدم وزاد عليه بسعة الباع وكثرة الإطلاع والفحص والتتبع.
الثالث : إن تفضيل المتقدم في أمثال تلك الفنون على المتأخر فيها وإن زاد على المتقدم فيها بتقدير جوازه لا يتمشى في ذوات الأنبياء المتقدمين والأئمة المتأخرين عنهم : الّذين ورثوا علمهم ، وذلك لأن علم الأنبياء : من علم الله تعالى وليس هو بالتعلم من الآخرين كما في غيرهم من سائر النّاس ، وتلك قضية ما في الأمثلة المذكورة فتعليل الأفضلية بذلك فاسد وقياسه عليه باطل.
وجملة القول : إنّ الأئمة : ورثوا العلم الّذي احتوى عليه الأنبياء : وزاد هؤلاء : عليهم : بما عند رسول الله 6 من العلم الّذي هو مفقود في أولئك الأنبياء : فعلوم الأنبياء والأئمة : من