وأما قوله : « أما عائشة فكانت إذ ذاك صبية غير مكلفة ، فلو نظر مثلها إلى لهو فأيّ محذور فيه ».
فيقال فيه : إن هذا الاعتذار بارد وغير وارد ؛ لأنها إن كانت صبية غير مكلفة فكيف دخل بها النبيّ 6 قبل بلوغها وتكليفها ، وقد أجمع المسلمون كلّهم أجمعون على حرمة الدخول بالزوجة قبل بلوغها ، وإن زعم الآلوسي أنه 6 عقد عليها قبل بلوغها ودخل بها بعد بلوغها فباطل من وجهين :
الأول : لا دليل على ثبوته بين الفريقين فلا حجّة فيه على شيء.
الثاني : لا ضرورة تدعو إلى عقد النبيّ 6 عليها قبل بلوغها والحديث ظاهر في بلوغها ، وأيّ حاجة لرسول الله 6 إلى أن يعقد عليها ولها من العمر ست سنين ـ كما يزعم أولياؤها ـ وهي في دور الحضانة ، فهل يا ترى كان 6 يريد أن يحتضنها من دون من وجبت عليه حضانتها؟ أو كان يخشى من وليّها أبي بكر (رض) أن يزوجها بعد بلوغها من غيره رغبة منه في ذلك الغير دون النبيّ 6 فما بال الآلوسي يهرف بما لا يعرف ويركب رأسه وهو لا يدري ، ولو سلّمنا جدلا أنها إذ ذاك كانت صبية غير مكلفة فلو نظر مثلها إلى لهو فلا محذور فيه على حدّ زعمه ، ولكن هل كان النبيّ 6 يومئذ غير مكلّف فلو نظر مثله إلى لهو فلا محذور فيه.
فالآلوسي يريد تصحيح ما ثبت في الصحيح عنده بما يرتعد من هو له فرائض أهل الدين ، وترجف منه قلوب المؤمنين ، ويندى منه جبين الإنسانية حياء وخجلا ، وكان الأجمل بالآلوسي أن يتجافى عن ذكر الشيعة رعاية لمذهبه الأود وسلوكه المعوج ، فهو لم يكثر بذلك إلاّ لجاجه ، ولم يظهر للملإ إلاّ اعوجاجه ،