النظرية انقلاباً في
عالم المجاز حيث استطاعت أن تغيّر العديد من المفاهيم السائدة آنذاك ، وحاصلها انّ
اللفظ في مجال المجاز يستعمل في نفس المعنى الحقيقي بالإرادة الاستعمالية لكن
بادّعاء انّ المورد من مصاديق المعنى الحقيقي ، يقول العلاّمة أبو المجد : إنّ تلك
الألفاظ مستعملة في معانيها الأصلية ، ومستعملها لم يحدث معنى جديداً ولم يرجع عن
تعهده الأوّل ، بل أراد بها معانيها الأوّلية بالإرادة الاستعمالية على نحو سائر
استعمالاته من غير فرق بينهما في مرحلتي الوضع والاستعمال. [١]
والدليل على ذلك انّ الغاية المتوخاة من
المجاز كالمبالغة في النضارة والصباحة أو الشجاعة أو إثارة التعجب لا يحصل إلاّ
باستعمال اللفظ في المعنى الحقيقي لا في المعنى المجازي ، ويعلم ذلك بالإمعان في
الأمثلة التالية :
١. يحكي سبحانه عن امرأة العزير انّه
لما سمعت بمكر نسوة في حاضرة مصر بقوله : ( ... أَرْسَلَتْ
إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَة مِنْهُنَّ
سِكّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ للّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ
مَلَكٌ كَريمٌ).
[٢]
والغاية من وصفه بـ « ملك » هو المبالغة
في النضارة والصباحة ، وهو لا يتم إلاّ أن يستعمل اللفظ في نفس المعنى الحقيقي «
فرشته » لا في الإنسان الجميل ، لأنّه لا يؤمّن الغرض المنشود إلاّ به ، بشهادة
انّك لو قلت هكذا : « ما هذا بشراً إنْ هذا إلاّ إنسان جميل » لسقطت العبارة عن
قمة البلاغة.
٢. لدى أسد شاكي السلاح مقـذف
له لبد اظفاره لم تقلم
فالشاكي مقلوب « الشائك » وهو حدة
السلاح ، وقوله : مقذف ، أي من له