الخوض في بيان
أدلّتهم ينبغي تحرير محل النزاع وانّ النزاع في أيّ نوع من الوجوب ، فهناك
احتمالات :
١. الوجوب العقلي ، بمعنى اللابدية
العقلية.
يلاحظ
عليه : بأنّه ليس شيئاً قابلاً للنزاع
لاتّفاق العقلاء عليه.
٢. الوجوب العرضي ، بمعنى انّ هنا
وجوباً واحداً منسوباً لذيها بالحقيقة. وللمقدّمة بالعرض والمجاز ، وهذا كنسبة
الجريان إلى الماء والميزاب.
يلاحظ
عليه : بأنّ البحث يصبح عندئذ بحثاً أدبياً
لا أُصولياً ، وبالتالي غير قابل للنزاع ، لأنّ النسبة المجازية تابعة لوجود
المناسبة وعدمها.
٣. الوجوب المولوي الغيري الاستقلالي.
يلاحظ
عليه : انّ إيجاب المقدّمة بصورة الوجوب
الاستقلالي يتوقّف على الالتفات إلى المقدّمة وربّما يكون الآمر غافلاً عن
المقدّمة وعن عددها ، ولو صحّ ذلك لزم اختصاص النزاع بصورة التفات المولى وهو كما
ترى.
٤. الوجوب المولوي الغيري التبعي ،
بمعنى انّه لو التفت المولى إلى المقدّمة لأمر بها وهذا هو اللائق لأن يقع موضعاً
للبحث.
إذا عرفت هذا فلنذكر ما استدلّ به على
وجوب المقدمة :
الأوّل : لزوم
التكليف بما لا يطاق لو لم تجب
استدلّ أبو الحسين البصري مؤلف «
المعتمد في أُصول الفقه » من مشايخ المعتزلة [١]
بأنّه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه
[١] توفّي عام ٤٣٦
هـ ، وهو غير أبي الحسن البصري إمام الأشاعرة ( المتوفّى عام ٣٢٤ هـ ) وهما غير
الحسن البصري التابعي ( المتوفّى عام ٨٩ هـ ) كما أنّ الثلاثة غير أبي موسى الأشعري
الصحابي ( المتوفّى عام ٤٣ هـ ). من إفادات شيخنا الأُستاذ مدّ ظلّه.