ثمّ إنّ المحقّق العراقي اعترض على بيان
المحقّق المحشّي وحاصل. اعتراضه يتلخّص في وجهين :
الوجه الأوّل : إنّا لا نسلم انّ الجهات
التعليلية في الأحكام العقلية جهات تقييدية ، لوضوح أنّ العقل يرى لحكمه موضوعاً
وعلّة.
الوجه الثاني : لو صحّ ما ذكره ، فإنّما
هو في الأحكام العقلية المحضة لا الشرعية المستكشفة كما في المقام ، فانّ الوجوب
فيه بحكم الشارع ولا دخل للعقل فيه إلاّ بنحو الكاشفية. [١]
وإلى الوجه الثاني يشير المحقّق الخوئي
في تعليقته على تقريرات أُستاذه حيث قال : مغالطة نشأت من خلط الحكم الشرعي
المستكشف من حكم عقلي ، بالحكم العقلي الثابت لجهة تعليلية ، ومن الواضح انّ كون
الجهات التعليلية في الأحكام العقلية ، جهات تقييدية ، أجنبي عن كون الجهات في
الأحكام الشرعية جهات تقييدية ولو كانت مستكشفة من طريق العقلي. [٢]
والظاهر ضعف الإشكالين :
أمّا الأوّل : فانّه نابع من خلط مقام
الثبوت بالإثبات ، فما ذكره من أنّ للعقل حكماً وموضوعاً وعلّة ، صحيح في مقام
الإثبات ، فيقال : الكذب قبيح لأنّه مضر للمجتمع ، وأمّا في مقام الثبوت فليس هناك
إلاّ شيئان : الحكم والموضوع ، والموضوع عند العقل في مقام الثبوت هو الإضرار ،
والكذب محكوم بالقبح لا بالذات بل لكونه من مصاديق الإضرار.