ثمّ إنّ صاحب المحاضرات فسّر إمكان
تعلّق الإرادة بأمر استقبالي بأنّه إن كان المراد من الإرادة هو الشوق فلا شكّ في
تعلّقها بأمر استقبالي كتعلّقها بأمر حالي ، وهذا لا يحتاج إلى إقامة برهان ، بل
هو أمر وجداني ، وإن أُريد منها الاختيار وإعمال القدرة فهي لا تتعلّق بفعل
الإنسان نفسه إذا كان في زمن متأخّر فضلاً عن فعل غيره ، ولذا لا يمكن تعلّقها بالمركب
من أجزاء طولية كالصلاة دفعة واحدة. [١]
يلاحظ
عليه : أنّ الإرادة ليست نفس الشوق بشهادة
أنّ الإنسان يريد شرب الدواء المرّ مع عدم الشوق ، ولا إعمال القدرة ، فانّه من
آثار الإرادة ونتائجها ، بل هي عبارة عن إجماع النفس وتصميمها وجزمها بحيث لا يرى
المريد في نفسه أيَّ تردد في الإتيان بالعمل ، فحينئذ إذا كان المقتضي موجوداً
والمانع مفقوداً ، تتعقبها إرادة أُخرى بتحريك العضلات ، وإن كانت هناك موانع لا
تكون هناك إلاّ إرادة واحدة متعلّقة بالمطلوب بالذات إلى أن يرتفع المانع ، فتنقدح
إرادة أُخرى بتحريك العضلات.
وأمّا ما استشهد به في ذيل كلامه على
مدّعاه ( الإرادة لا تتعلّق بأمر استقبالي ) بعدم تعلّقها بالمركّب من أجزاء طولية
كالصلاة دفعة واحدة ، فغير تام ، لأنّ عدم تعلّقها به لأجل أنّه مستلزم لاجتماع
النقيضين ، لأنّ كون الشيء تدريجياً يستلزم التعاقب في الوجود ، وكونه دفعياً
يستلزم خلافه. وهذا بخلاف ما إذا تعلّقت بالمركب من أجزاء طولية على نحو التدريج
فانّه في غاية الإمكان ، بل لا محيص عنه ، وإلاّ يلزم تعدّد الإرادة حسب تعدّد
الأجزاء الكثيرة وهو كما ترى.