الامتثال الذي هو
عبارة عن دعوة شخص ذاك الأمر فلابدّ وأن يكون المكلّف في مقام امتثاله قاصداً
للامتثال قبل قصد امتثاله ، فيلزم تقدّم الشيء على نفسه ، لأنّه بما هو جزء
المأمور به مقدّم ، وبما أنّ ماهية قصد امتثال الأمر عبارة عن الإتيان بالأجزاء
بقصد الأمر متأخر عن الاجزاء. [١]
يلاحظ
على الأوّل : بأنّ أقصى ما
يلزم هو فرض وجود الشيء ( قصد الأمر ) قبل تحقّقه وهو ليس بمحال ، وإنّما المحال
وجوده واقعاً قبل تحقّقه ، فما عبّر بقوله « يلزم كونه مفروض الوجود قبل وجوده وهو
بعينه محذور الدور » غير تام فانّ محذور الدور هو وجوده واقعاً قبل تحقّقه لا فرض
وجوده قبل تحقّقه ، وشتان بينهما.
وعلى
الثاني : فلأنّ فعلية الحكم تتوقّف على فعلية
الموضوع لا بمعنى وجوده خارجاً بل بمعنى قدرة المكلّف على الإيجاد والامتثال ،
والمفروض أنّ المكلّف قادر على الصلاة بقصد أمرها ، وأمّا القدرة على إيجاد
المتعلّق والصلاة ( بقصد الأمر ) فهي موقوفة على صدور الأمر الإنشائي قبل فعلية
الموضوع لا على الأمر الفعلي.
فينتج : الأمر الفعلي موقوف على القدرة
على إيجاد الصلاة بأمرها ، والقدرة الكذائية ليست موقوفة على الأمر الفعلي ، بل
على الأمر الإنشائي السابق.
ثمّ إنّ سيدنا الأُستاذ أجاب عن الإشكال
بوجه آخر ، وقال : إنّ فعلية الحكم لا تتوقف على فعلية الموضوع توقّف المعلول على
علته ، بل لابدّ في حال فعلية الحكم من فعلية الموضوع ولو صار فعلياً بنفس فعلية
الحكم ، لأنّ الممتنع هو التكليف الفعلي بشيء لم يكن متحقّقاً بالفعل ، وأمّا
التكليف الفعلي بشيء يصير فعلياً بنفس فعلية الحكم فالضرورة قاضية بجوازه.
وعلى
الثالث : فلأنّ قصد الامتثال الذي هو متأخر عن
إتيان المأمور به
[١] أجود التقريرات
: ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ وأوضحه تلميذه المحقّق الخوئي في المحاضرات : ٢ / ١٥٧.