وبذلك يتبيّن أنّ مساواة العوارض مع
موضوع العلم ، شرط في المحمولات الأوّلية ، كقولنا : الموجود إمّا واجب أو ممكن ،
وأمّا المحمولات الثانوية كالبساطة والتركّب فلا تشترط المساواة مع موضوع العلم ،
بل تكفي مساواتها ، مع موضوعها ، أي الموجود المتحصص بالوجوب ، أو الإمكان ، وهكذا
سائر الموارد ، لكفاية هذا المقدار في حصول اليقين بالنسبة.
هذا إجمال ما ذكره العلاّمة الطباطبائي
في تعاليقه على الأسفار ، ونهاية الحكمة.
غير أنّ هنا نكتة : وهي أنّ ما ذكره من
أنّ شرط كون القضايا يقينية هو أن يجتمع فيها شروط أربعة :
كون النسبة ضرورية أوّلاً ، ودائمة
الصدق ثانياً ، وكلّية الصدق ثالثاً ، وكون المحمول من العوارض الذاتية للموضوع
رابعاً ، إنّما يختص بالعلوم الحقيقية ولا يعم العلوم الاعتبارية ، لأنّ
الاعتباريات قائمة بلحاظ المعتبر ، وتتغير بتغيير الاعتبار ، ولا يلزم أن تكون
ضرورية الصدق ودائمية وكلية.
وبذلك يتضح انّ الأُمور الاعتبارية لا
يقام عليها البرهان العقلي بالشكل الذي يقام في العلوم الحقيقية ، فانّ الموضوع
فيها ليس من علل وجود المحمول حقيقة إلاّ بالاعتبار والمواضعة ، وتدوم العلية
مادام الاعتبار قائماً فإذا زال ، زالت العلية.
كما أنّه لا يعتبر كون المحمول عرضاً
ذاتياً ( الشرط الرابع ) لأنّ العلوم الاعتبارية تدون لتحقيق غرض اجتماعي كالعلوم
الأدبية ، فانّ الملاك في كون شيء من مسائل تلك العلوم كونه واقعاً في دائرة الغرض
المطلوب من ذلك العلم سواء أكان العروض بلا واسطة أو معها ، وسواء أكانت الواسطة
مساوية أو أعمّ أو