لابدّ من الإشارة إلى نقطتين قبل الخوض في شرح هذه الخطبة:
1- جاء في التأريخ بشأن الأشعث أنّ أسمه الأشعث معدى كرب، وأبوه قيس الأشجّ
سمى الأشجّ؛ لأنّه شُجّ في بعض حروبهم بن معدى كرب بن معاوية. وأم الأشعث كبشة بنت
يزيد بن شُرحبيل بن يزيد بن امرىء القيس بن عمرو المقصور الملك.
كان الأشعث أبداً أشعث الرأس، فسمِّي الأشعث، وغلب عليه حتى نُسي اسمه.
2- امّا بشأن المناسبة التي دعت الإمام عليه السلام لمخاطبة الأشعث بهذه
الكلمات فهناك إختلاف بين العلماء فقد ورد في رواية أنّ أمير المؤمنين عليه السلام
استوى جالساً على منبر الكوفة فاخرج كتاباً فيه كلام رسول الله صلى الله عليه و
آله أنّه قال:
«المسلمون تتكافؤ دماؤهم وهم يد على
من سواهم من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والناس أجمعين» [1].
فانبرىالأشعث بن قيس المنافق قائلًا: «هذا والله عليك لا لك» فخفض الإمام
عليه السلام إليه بصره فخاطبه بهذه الكلمات أمام الملأ. ولعل مراد الأشعث بن قيس
إذا كانت دماء المسلمين متكافئة وهم يد على من سواهم، فما معنى قتالك لطائفة من
المسلمين؟ (و الحال أن المنافقين الذين أوقدوا نار الجمل وصفين والنهروان كانوا
يرون الإمام عليه السلام خليفة رسول الله صلى الله عليه و آله فبالاضافة إلى نص
النبي صلى الله عليه و آله على خلافته فقد بايعه الناس).
نعود الآن إلى شرح الخطبة، فقد رد الإمام عليه السلام علىالأشعث بن قيس حين
اعترضه بقوله «يا أميرالمؤمنين هذا عليك لا لك» فقال:
«ما يدريك ما علي ممّا لي».
حيث أراد الإمام عليه السلام أنّك لم تفهم كلامي وما أريد أن أقول. فمرادي هو
دعوة المسلمين إلى الوحدة وانبههم إلى خطاهم في مسألة التحكيم ليرعووا عن تكرار
مثل هذه الاخطاء، إلّاأنّك فهمت الكلام بالعكس. ثم اغلظ عليه عليه السلام فقال:
«عليك لعنة الله ولعنة اللاعنيين».
و يشهد تاريخ الأشعث وسيرته الخبيثة أنّه كان مستحقاً لمثل هذه اللعنة وعلى حد
قول ابن أبي الحديد فانّ كل فساد في خلافة علي عليه السلام وكل اضطراب حدث فاصله
الأشعث [2] ثم
[1] ورد في عدّة روايات ان المراد
بقوله «من أحدث حدثا» القتل وسفك الدماء وهو المعنى الانسب لهذه العبارة، راجع
وسائل الشعية، 19/ 11- 19 ابواب القصاص، الباب 4 و 8.