يعتقد بعض المحققين- كما ذكرنا سابقاً- أنّ هذه الخطبة هى جزء من الخطبة
السابقة وقد فككها الشريف الرضي (ره)؛ الأمر الذي يؤيده مضمون الخطبة ومحتواها؛
فالخطبة السابقة تحدثت عن القضاة والجهال المنحرفين الذين يصدرون الأحكام الجائرة
في قضائهم بما يهدد بالصميم أمن الامّة وصيانة عرضها وأموالها وأنفسها وبالتالي
استشراء الفوضى والفساد في صفوف المجتمع.
كما تحدثت هذه الخطبة هى الاخرى عن القضاة الذين يستندون في أحكامهم إلى
الأدلة الواهية الضعيفة من قبيل القياس والرأي والاستحسان فتوصلهم إلى نتائج
خاطئة، والأنكى من ذلك يصوب رئيسهم كل هذه الأحكام المتناقضة ويرى فيها أحكام
اللَّه المطابقة للواقع. ثم يتطرق الإمام عليه السلام إلى ابطال نظرية التصويب
(النظرية التيترى أن آراء القضاة وفتيا الفقهاء تمثل الأحكام الإلهية الواقعية
رغم تضادها وتضاربها مع بعضها)، على أساس الأدلة المنطقية التي تفند مثل هذه
العقيدة، ثم يكشف النقاب عن السبيل الذي يقود إلى الحق في هذه القضايا الإسلامية
التي ضل فيها الكثيرون.
والخطبة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: في الحديث عن الاسلوب الذي اعتمده القضاة في تعاملهم مع القضايا
والتي تستبطن الأحكام المتناقضة التي تخالف أحكام اللَّه.
والقسم الثاني: في ابطال النظرية التي تصرح بصواب الجميع.
وأخيراً القسم الثالث الذي يتحدث في الإمام عليه السلام عن عظمة القرآن وكونه
المرجع الفصل في حل جميع الاختلافات.