responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 38

وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها؛ ومنه عليه السلام ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها؛ وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ. ومع ذلك فقد سبق وقصروا وقد تقدم وتأخروا، لأن كلامه عليه السلام الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي، فأجبتهم إلى الابتداء بذلك عالماً بما فيه من عظيم النفع، ومنشور الذكر، ومذخور الأجر. اعتمدت به أن أبين عن عظيم قدر أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الفضيلة، مضافةً إلى المحاسن الدثرة، والفضائل الجمة. وأنّه عليه السلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين الذين إنّما يؤثر عنهم منها القليل النادر، والشاذ الشارد فأما كلامه فهو البحر الذي لا يُساجل والجم الذي لا يحافل وأردت أن يسوغ لي التمثل في الافتخار به عليه السلام بقول الفرزدق:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم‌

إذا جمعتنا يا جرير المجامع‌

ورأيت كلامه عليه السلام يدور على أقطاب ثلاثة: أولها: الخطب والأوامر، وثانيها:

الكتب والرسائل، وثالثها: الحكم والمواعظ؛ فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختبار محاسن الخطب، ثم محاسن الكتب، ثم محاسن الحكم والأدب. مفرداً لكل صنف من ذلك باباً، ومفصّلًا فيه أوراقاً، لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عنّي عاجلًا، ويقع إليّ آجلًا. وإذا جاء شي‌ء من كلامه عليه السلام الخارج في أثناء حوار، أو جواب سؤال، أو غرض آخر من الأغراض به، وأشدها ملامحة لغرضه. وربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متسقة، ومحاسن كلم غير منتظمة؛ لأنّي أورد النكت واللمع، ولا أقصد التتالي والنسق.

ومن عجائبه، عليه السلام، التي انفرد بها، وأمن المشاركة فيها، أنّ كلامه الوارد في الزهد والمواعظ، والتذكير والزواجر، إذا تأمله المتأمل، وفكر فيه المتفكر، وخلع من قلبه أنّه كلام مثله ممن عظم قدره، ونفذ أمره، وأحاط بالرقاب ملكه، لم يعترضه الشك في أنّه كلام من لاحظ له في غير الزّهادة، ولا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت. أو انقطع إلى سفح جبل، لا يسمع إلّاحسّه، ولا يرى إلّانفسه، ولا يكاد يوقن بأنّه كلام من ينغمس في الحرب مصلتاً سيفه، فيقطّ الرقاب، ويجدل الأبطال، ويعود به ينطف دماً، ويقطر مهجاً. وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد، وبدل الأبدال وهذه من فضائله العجيبة، وخصائصه اللطيفة، التي جمع بها

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست