قصارى جهده من أجل النهوض بعمله وتطوير حياته، مع ذلك لابدّ أن يعلم بأنّ
الذات الإلهية هى مصدر كل خير وبركة ونعمة وعطاء. إلّاأنّ الغرور والكبر وحب الذات
قد يجعل الإنسان غافلًا عن هذه الحقيقة فيرى نفسه مستقلًا في مقابل اللَّه فتتشوه
بنظره جميع الأشياء.
هذا الانقطاع عن اللَّه هو ايكال الإنسان إلى نفسه؛ وهو أساس بؤس الإنسان
وشقائه. ومن هنا ترى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لا ينفك عن التضرع إلى ربّه
منادياً:
وما أن يفرغ الإمام عليه السلام من بيان السبب الرئيسي لشقوة هؤلاء حتى يتطرق
إلى افرازات ذلك الشقاء ليوجزها في ثمانية ارتبطت مع بعضها برباط العلة والمعلول
فقال عليه السلام:
«فهو حائر عن قصد السبيل»
والمراد بقصد السبيل هو الحد الوسط الفاصل بين الإفراط والتفريط والذي يوصل
الإنسان إلى اللَّه؛ الأمر الذي أشار له القرآن الكريم بالقول
ومن البديهي أنّ الإنسان إنّما يستطيع تمييز السبيل- الذي صورته الروايات
بأنّه أرفع من الشعرة وأحد من السيف- من بين آلاف السبل الانحرافية إذا شملته
الألطاف والعنايات الإلهية؛ امّا إذا انفصل عن اللَّه ووكل إلى نفسه فانه سيعيش
الحيرة والقلق التي تنتهي به إلى الضلال والسقوط في الهاوية.
الافراز الثاني
«مشغوف بكلام بدعة»
ومن هنا ينطلق نحو الافراز الثالث
«ودعاء ضلالة»
. شغف من مادة شغاف على وزن كلاف بمعنى المولع بالشيء حتى بلغ حبه شغاف قلبه،
وهو غلافه؛ وهو التعبير الذي أورده القرآن الكريم بشأن حب زليخا لنبي اللَّه يوسف
عليه السلام على لسان طائفة من نساء مصر