responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 361

أمّا قوله عليه السلام:

«من أبدى صفحته للحق هلك»

فقد فسره بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ من أبدى صفحته لنصرة الحق غلبه أهل الجهل، لأنّهم العامة، وفيهم الكثرة، فهلك.

فهذا الكلام وان كان واقعياً إلّاأنّه لا يمكن أن يكون تفسيراً للعبارة المذكورة وذلك لأنّه لا ينسجم والعبارات السابقة بشأن أدعياء الباطل، كما لا يتفق والعبارة اللاحقة بشأن الأفراد الجهال الذين لا يعرفون قدر أنفسهم. وأخيراً يختتم الإمام عليه السلام هذه العبارات يعرض بالنصح والموعظة التي من شأنها تخليصهم من مخالب المنافقين وأدعياء الباطل، فقد دعاهم في البداية إلى التحلي بالورع والتقوى التي تعدّ الركن الركين لكل حركة وعمل صالح، فقال عليه السلام:

«لا يهلك على التقوى سنخ‌ [1] اصل، ولا يظمأ عليها زرع قوم»

فالواقع هو أنّ الإمام عليه السلام قد شبه- بهذه العبارة العميقة المعنى- التقوى بالأرض الخصبة ذات المناخ المناسب التي لا تجف فيها جذور الأشجار ولا يموت فيها الزرع من قلة الماء؛ أرض خصبة صالحة للزراعة ذات أنهار وآبار تمد الزرع بما يحتاج، ففي الحقيقة أنّ كافة الأعمال كالبذور والحبوب التي ينبغي أن تنثر في أرض خصبة وتسقى بالمياه؛ وليست هذه الأرض والمياه سوى التقوى، ثم قال في الموعظة الثانية:

«فاستتروا في بيوتكم»

فالإمام عليه السلام وبنظرته الثاقبة يعلم بأنّ حكومته ستضيق الخناق على اولئك الذين عملوا إبان عهد عثمان على سلب ونهب بيت مال المسلمين ونشروا الظلم في ربوع المجتمع الإسلامي، وعليه فهم سوف لن يسكتوا وسيسعون إلى تأليب الناس واستقطاب الجهال، وهذا هو الوقت الذي يتطلب من الإنسان أن يلزم بيته لا حين العمل والجهاد.

وعلى حد قول بعض شرّاح نهج البلاغة فان أفضل حركة في المجتمع الذي يضره العدل والحق هى السكون والصمت والسكوت.

والموعظة الثالثة بشأن الأخاء والوحدة بين صفوف أتباع الحق ونبذ كافة مظاهر الفرقة والشقاق بهدف ملاحقة الباطل والقضاء عليه، فقد قال عليه السلام:

«وأصلحوا ذات بينكم»

. وأخيراً


[1] «سنخ» بمعنى‌ الأصل والجذر، وكذلك محل غرس الشجر، وهو المكان الذي تَثبت فيه جذور وأصل الشجرة. ويستعمل هذا اللفظ أحيانا بمعنى‌ الرسوخ في شي‌ء، وكل هذه المعاني مقاربة لبعضها، وفي العبارة أعلاه تشير إلى جذور العلوم والمعارف والاعمال الصالحة والتي رسخت في أرضية التقوي والتي لايمكن أن تُجتّثَ جذورها.

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست