فالكلام هنا
لا يتناول سعة المعلومات وكسب المعارف والعلوم، بل قصره على استشعار الهمة
والمروءة وسمو النفس في ظل التمعن بالنهج.
5- «ابن أبي
الحديد» هو الآخر أعطى الكلام حقّه فقال: ولم تحصل العدالة الكاملة لأحد من البشر
بعد رسول الله صلى الله عليه و آله إلّالهذا الرجل، ومن أنصف علم صحة ذلك، فان
شجاعته وجوده وعفته وقناعته وزهده يضرب بها الأمثال. وأمّا الحكمة والبحث في
الامور الإلهية، فلم يكن من فن أحد من العرب، وهذا فن كانت اليونان وأوائل الحكماء
وأساطين الحكمة ينفر دون به، وأول من خاض فيه من العرب علي عليه السلام ولهذا تجد
المباحث الدقيقة في العدل والتوحيد مبثوثة عنه في فرش كلامه وخطبه، ولا تجد
فيكلام أحد من الصحابة والتابعين كلمة واحدة من ذلك. [1]
6- أورد
«المرحوم السيد الرضي» بعض العبارات المقتضبة العميقة المعنى في كتابه الشريف بشأن
مضامين نهج البلاغة، وهى جديرة بالتأمل والاهتمام، من ذلك ما ذكره ذيل الخطبة [21]
حيث قال:
«إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللَّه سبحانه
وبعد كلام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بكل كلام لمال به راجحاً وبرز عليه
سابقاً». أمّا الخطبة [21] فهى:
كما أورد مثل
هذا المعنى ذيل الحكمة [81] من كلماته القصار فقال:
«وهى الكلمة التي لا تصاب لها قيمة ولا توزن بها
حكمة، ولا تقرن إليها كلمة».
7- ونطلق
الحديث هنا للكاتب المصري المعروف «عباس محمود العقاد» الذي يعدّ من كبار الأدباء
المعاصرين لنرى مدى اعجابه بنهج البلاغة، فقد أورد بعض العبارات الجزيلة في مواضع
من كتاب «عبقرية الإمام علي عليه السلام» والتي تبيّن عمق معرفته بشخصية الإمام
ومدى تأثره بكلماته، فقد قال: «إن نهج البلاغة عين متدفقة بآيات التوحيد والحكمة
الإلهية التي توسع معارف الباحثين في العقائد والتوحيد والمعارف الإلهية»
[2].