كما أشرنا سابقاً أنّ عهد الخليفة الثاني كان عصر الانتصارات والفتوحات على
صعيد السياسة الخارجية للبلاد؛ لانّ المسلمين وعلى ضوء التعاليم الإسلامية
والآيات القرآنية التي تدعو إلى الجهاد قد مارسوا هذه الفريضة بشكل واسع بحيث لم
تمض مدّة حتى حققوا الفتوحات الإسلامية الباهرة خارج البلاد الإسلامية فتم لهم نيل
ما لا يحصى من الغنائم المادية، الأمر الذي جعل هذه الفتوحات تغطي على ضعف الجبهة
الداخلية والفوضى التي كانت سائدة آنذاك، وهو المعنى الذي نلمسه اليوم بوضوح في
السياسة المتبعة في العصر الراهن، فقد يؤدي الانتصار الذي تحرزه الدولة على صعيد
السياسة الخارجية إلى التغطية على كل شيء ولا سيما المشاكل والمعضلات التي
تعيشها على مستوى الداخل، ومن هنا نرى ساسة الاستكبار الذين يحاولون التغطية
على مشاكلهم الداخلية باخماد فورتها من خلال اللجوء إلى عدّة أنشطة- بما فيها شن
الحروب- خارجية.
وزبدة الكلام فانّ الإمام عليه السلام إنّما تحدث عن مدى العنف والاضطهاد
والأخطاء الفادحة وسعة حجم المشاكل الداخلية إبان عهد الخليفة الثاني؛ الأمر الذي
تم التعامل معه بمعزل عن مسألة الفتوحات.