الشرح والتفسير ما أن فرغ الإمام عليه
السلام من بيانه لقضية خلق آدم حتى تطرق إلى موضوع آخر ذا صلة وثيقة به مستخلصاً
منه الدروس والعبر التي يمكن أن تحتذيها البشرية جمعاء في مسيرتها إلى اللَّه،
فقال عليه السلام:
«واستأدى اللَّه سبحانه الملائكة
وديعته لديهم وعهد وصيته إليهم في الاذعان بالسجود له والخنوع [1] لتكرمته فقال
سبحان اسجدوا لآدم فسجدوا الّا إبليس»
فالذي تفيده العبارة أنّ اللَّه قد أخذ عهد الملائكة مسبقاً بالسجود لآدم حين
خلقه؛ الأمر الذي وردت الإشارات إليه في القرآن الكريم ومنها الآية 70 و 71 من
سورة ص: «إِذ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي
خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ».[2] فقد كانت الملائكة تدرك أنّ الوفاء بذلك العهد إنّما يحصل
حين خلق آدم وتكامله بهذه
[1] «خنوع» بمعنى الخضوع والتواضع حسب
«المقاييس» وأورد الآخرون ما يشبه هذا المعنى أيضاً.