من شارحي نهج البلاغة؛ وذلك لعدم انسجام هذا الاحتمال والعبارات السابقة- التي
طرحت مسألة امناء الوحي-، امّا مختلفون هنا فقد جاءت من مادة الاختلاف بمعنى
الذهاب والاياب والتردد على الأماكن.
. «حفظة» جمع حافظ بمعنى الحارس، ويمكن أن يكون لها هنا معنيان: أحدهما حفظهما
للعباد بمراقبة أعمالهم واحصائها وتسجيلها، كما أشارت إلى ذلك الآية الرابعة من
سورة الطارق القائلة «وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ
لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ» وضرب آخر من
هؤلاء الملائكة الذين يحفظون البشر من المهالك والورطات والبلاء، ولولا ذلك لكان
الإنسان مسرحاً للفناء والزوال والاعطاب، وهذا ما صرّحت به الآية الحادية عشرة من
سورة الرعد: «لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ».
ولكن يبدو أنّ المعنى الأول أنسب بالالتفات إلى العبارات السابقة التي تحدثت
عن الوحي والتكاليف الشرعية، والعبارة اللاحقة التي أشارت إلى الجنّة وجزاء الأعمال،
وإن لم يستبعد الجمع بين المعنيين عن مفهوم العبارة.
أمّا مفردة سدنة فهى جمع سادن بمعنى البواب، وجنان على وزن كتاب واحدها جنة،
والذي يستفاد من هذه العبارة إنّ للَّهعدّة جنان، ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى
أنّها ثمانية كما وصفها القرآن وهى «جنّة النعيم، جنّة الفردوس، جنةالخلد، جنّة
المأوى، جنّة عدن، دار السلام، دار القرار وجنّة عرضها السموات والأرض» [2].
أمّا فائدة وجود الملائكة الذين يحفظون أعمال العباد، فقد قيل بأنّ الإنسان
يشعر بالمسؤولية أكثر لوجودهم ويكون أعظم مراقبة لنفسه وأحرص في سلوكه وتعامله، وذلك
لأنّ الهدف الأسمى هو تربية الإنسان وتهذيبه وإبعاده عن الرذيلة والانحراف.
وأمّا القسم الرابع من الملائكة فهم حملة العرش، الذين وصفهم عليه السلام
بقوله «ومنهم الثابتة