و لكن ظاهر
حديثي الشفعة و منع فضل الماء [1] المرويين عن
عقبة بن خالد ورودها ذيل قضاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم في
الشفعة و منع فضل الماء، لكن قد وقع التشكيك من غير واحد من محققي الأصحاب في هذا
الظهور و احتمل كونه من باب الجمع في الرواية، و أول من فتح باب هذا التشكيك العلامة
الجليل شيخ الشريعة الأصفهاني قده فإنه إصرار على عدم ورودها في هاتين القضيتين و
أتعب نفسه الزكية في جمع القرائن على ذلك، و تبعه المحقق النائيني و أيده بقرائن
أخر.
و تظهر ثمرة
هذا النزاع في تحقيق مفاد الحديث و انه نفى الأحكام الضرورية الحاكم على عمومات
أدلة الاحكام، أو ان مفاده النهى عن إضرار الناس بعضهم ببعض؛ فإنه لو ثبت ورودها
ذيل حديثي الشفعة و منع فضل الماء كانت كالعلة لتشريع هذين الحكمين في الشريعة و
هذا لا يناسب النهى بل يناسب النفي كما هو ظاهر.
و كيف كان
فعمدة ما استند اليه المحقق المذكور في إثبات هذا المدعى المخالف لظاهر الرواية
مقايسة قضايا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم المحكية عن طرق العامة
المنتهية الى «عبادة بن صامت»، و ما ورد من طرق الخاصة المنتهية في كثير من
مواردها الى «عقبة بن خالد» فان توافقهما و اتحادهما في كثير من عباراتهما مع خلو
رواية «عبادة» من هذا الذيل مع انه نقل قضائه في الشفعة و فضل الماء بعينه، كما
نقله «عقبة بن خالد» مما يضعف الاعتماد على هذا الظهور البدوي و يوجب قوة الظن بان
الجمع بين هذه الفقرة و سائر فقرات الرواية كان من باب الجمع في الرواية من ناحية
الراوي، لا انها صدرت في قضية واحدة عن النّبي صلّى اللَّه عليه و آله، سيما مع
كون عبادة ضابطا متقنا في نقل الأحاديث و من خيار الشيعة على ما قيل. كما انه لا
يمكن الاستشهاد بظهور لفظة «فاء» في قوله «فلا ضرر و لا ضرار» في ذيل حديث منع فضل
الماء في كون ما بعده متفرعا على ما قبله و متصلا به، لما عرفت سابقا من ان النسخ
المصححة من الكافي خالية عنها بل المذكور فيها هو الواو بدل الفاء (فراجع الروايات
السابقة و تأملها)