أولها- الاعتقاد الجميل في حقه و ترك سوء الظن به بان لا يضمر المسلم لأخيه ما
يزري به و يشينه، و يعتقد انه لم يفعل سوءا عن علم و عمد و ان صدر منه ذلك خطأ أو
نسيانا.
و ما قد يقال من ان الاعتقاد من الأمور الغير القابلة للخطاب التكليفي تحريما
أو إيجابا لخروجه عن حيطة الاختيار، ممنوع جدا، لأنه في كثير من موارده أمر مقدور؛
و كثيرا ما يحصل لنا اعتقاد سوء في حق احد و بعد ذلك نتفكر في امره و نبدى لأنفسنا
احتمالات فيما شاهدناه أو سمعناه منه مما صار منشئا لهذا الاعتقاد، و نقول لعله كان
كذا و كذا، من الاحتمالات التي كانت مغفولة بادي الأمر بما يصرفنا عن ذاك الاعتقاد
القطعي أو الظني بالسوء، و هذا أمر ممكن واقع كثيرا فهو قابل للخطاب الشرعي تحريما
أو إيجابا.
و الحاصل ان كثيرا من الاعتقادات الحاصلة لنا حاصلة من الأنظار البادية في
أفعال الغير و عدم التوجه بما يحتمله من الاحتمالات، فهي تزول بسرعة عند التوجه
الى الوجوه التي تحتملها. فح لا مانع من ان يأمر الشارع الحكيم بتحصيل الاعتقاد
الحسن في حق المسلمين و نفى اعتقاد السوء عنهم، لما فيه من المصالح التي لا تحصى،
كجلب اعتماد المسلمين بعضهم ببعض، و دفع الضغائن عنهم، و دفعا لما في سوء الظن و
الاعتقاد من التفرقة و التباعد و اختلال النظام و اثارة الفتن بينهم؛ كما هو ظاهر
لمن تدبر.
ثانيها- ترتيب آثار الحسن الفاعلي عليها؛ أي المعاملة مع فاعلة معاملة من اتى
بفعل حسن و عدم المعاملة معه معاملة من ركب امرا قبيحا، من حسن العشرة معه و
الركون اليه فيما يركن على من لم ير منه قبيح و الفرق بينه و بين المعنى السابق ان
الحمل على الصحة بهذا المعنى عمل خارجي بخلاف المعنى الأول فإن الحمل عليها هناك
بمعنى الاعتقاد الحسن و ترك اعتقاد السوء، و هو و ان كان مستلزما للثاني كثيرا الا
ان الفرق بينهما ثابت في المعنى، و في النتيجة أحيانا.
و ثالثها- ترتيب آثار الفعل الصحيح الواقعي على فعله، بمعنى فرض عمله صحيحا
واقعا و في نفس الأمر؛ لا بحسب اعتقاده فقط كما في الوجه السابق، فيرتب عليه ما هو
من آثاره الواقعية، فيفرض فعله تام الاجزاء و الشرائط واقعا و يرتب عليه ما يرتب
عليه، و يكون عمله منشئا للآثار الشرعية، و هذا هو الذي نحن بصدده في إثبات هذه