و إذا لم نقل
هكذا فديننا يضمحل، بل إنّ الجميع يقول: لا بدّ أن تؤخذ الروايات من الأشخاص
العدول و الثقات، و لأجل هذا ألّفت كتب الرجال لمعرفة الثقات من غيرهم.
و الآن ما هو
المانع من إجراء هذه الضوابط مع الصحابة، كما نجريها مع الآخرين؟
2. يرى بعضهم
أنّ «الجرح» ببعض الصحابة يضعف من مقام نبي الإسلام (صلى الله عليه و آله) الشامخ،
و عليه فلا يجوز التعرض إليهم.
و يجب أن
نسأل من يتمسك بهذا الدليل: أ لم ينتقد القرآن هؤلاء المنافقين المحيطين بالنبي
(صلى الله عليه و آله) بشدّة و يفضحهم؟ فهل وجود المنافقين بجوار الصحابة
المخلصين، الصادقين للنبي (صلى الله عليه و آله) يقلل من مقامه العظيم السامي؟!
و الخلاصة:
إنّ الصالح و الفاسد موجود دائماً و على مرّ الزمان، و حتى في عصر الأنبياء العظام
(عليهم السلام)، و مع ذلك فالفاسد لم يسيء إلى مقامهم السامي.
3. إنّ
التعرض للصحابة بالجرح و النقد لأعمالهم سيؤدي إلى الحط من مكانة الخلفاء الأوائل،
فلأجل حفظ مكانتهم لا بدّ من التأكيد على قداسة الصحابة و صونهم، حتى لا يتمكن أحد
من أن يضع الأفعال التي وقعت في بيت مال المسلمين و غيرها في زمن عثمان تحت طائلة
الاستفسار، و بالتالي يتعرض الخليفة للنقد و التساؤل على أفعاله. و من خلال هذه
الوسيلة يتمكنون حتى من توجيه جميع تصرفات معاوية و مخالفاته لزعيم المسلمين
الإمام علي (عليه السلام)، و إشعاله لنار الحروب الدامية، و قتل المسلمين، ليبقوه
بعيداً عن دائرة نقد النقاد.