ما هو الخير
الذي جنيناه من هذا التفكير؟ بل كل بلاء وعناء إنّما يصيبنا من جراء هذا التفكير
في شؤون الحياة والوجود والمصير والعاقبة وما إلى ذلك.
فهل للمجانين
من تفكير وهم على هذه الدرجة من السرور والراحة؟ بل هم على هذه الدرجة من النشاط
والحيوية بسبب عدم التفكير، إنّهم يرون العقلاء يشكلون عبئاً ثقيلًا عليهم ولسان
حالهم يقول: ياله من عالم رائع عالم الجنون لو نأمن من عدم تسلل العقل إلينا، فما
أحرى العقّال أن يلصقوا أنفسهم بذلك العالم فيمارسون حياتهم بعيداً عن التفكير
والحساب.
لكن وعلى هذا
الأساس فإنّ العالم الأروع والأبعد قلقاً واضطراباً من عالم المجانين هو عالم
الشاة، ومن هنا ترى عليها علامات السمنة والترهل، الأجهل من ذلك الخشب والحجر
وهذه الجدران المحيطة بنا فهي تفتقر حتى إلى دماغ الشاة الضئيل، كما تفتقر إلى
نظرها العبثي والذي لا طائل من ورائه، وعليه لابدّ لنا أن نتمنى هذه الحياة
ونحسدها عليها.