نام کتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر جلد : 1 صفحه : 148
الهم الذي نغض روحها و نخر عظامها، و أشعل نيران الحرقة في كيانها، و لذلك
نرى أن خطبتها اتخذت طابعاً ملتهباً دموياً لأنها نبعت من قلبٍ محترقٍ فاض بدم
الأسى و الحسرة.
من عجائب هذه الخطبة هي أن هذه السيدة الجليلة عليه السلام قد لاقت الكثير من
الظلم العنيف في الفترة الواقعة ما بين وفاة أبيها صلى الله عليه و آله و
استشهادها عليه السلام، ذلك الظلم الذي كان سبب مرضها العصيب، و رغم أن سؤال نساء
المدينة عند عيادتها كان يدور حول حالتها الصحية، و عادةً يشكو المريض بعضاً من
آلامه إن لم يكن حديثه كله مختصاً بحالته الصحة، رغم كان ذلك فإنها لم تورد في
حديثها أي كلمةٍ عن حالها و مرضها، بل كان حديثها منصباً على مسألة غصب الخلافة و
ظلامة علىٍّ عليه السلام، و الأخطار التي ستمر بالأمة الإسلامية نتيجة هذا
الإنحراف.
عجباً لها، فلم تذكر في حديثها شيئاً عن مرضها، فكل ما قالته كان عن ألم زوجها
علي عليه السلام و عن مشاكل العالم الإسلامي.
نعم ... لقد كانت روح الزهراء عليها السلام أرفع من أن تتكلم عن نفسها و
آلامها- رغم أنها كانت كبيرة- بل و أجلُّ من أن يوصف علو شأنها، فتكلمت فقط عن
إمامها وزوجها المحبوب علي عليه السلام و آلامه.
لم تكن قلقة عى نفسها، بل كانت قلقةً على الأمة الإسلامية و مصيرها المشؤوم
و المؤلم.
يفكر المرء عادةً في آخر لحظات حياته بنفسه و مشاكله و آلامه، لكنّ المدهش أن
فاطمة عليها السلام لم تورد على لسانها في هذه الخطبة الطويلة شيئاً من ذلك، و لا
حتى بجملةٍ واحدة.
و هذا أكبر دليل على عظمة فاطمة عليها السلام و مقام تضحيتها و إيثارها.
نام کتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر جلد : 1 صفحه : 148