و على الاخص كان يرى مشاهد في عالم الرؤيا، في الوقت الذي كانت فيه أجهزة
الجسم خامدة و جسده ملقى في احدى الزوايا. فادرك من هذا أنَّ هناك قوة غامضة تهيمن
على كيانه، فاطلق عليها اسم «الرّوح».
و عند ما وضع العلماء أسس الفلسفة، وضعوا «الرّوح» كقضية فلسفية كبرى ضمن القضايا الاخرى. و من
ثمّ راح الفلاسفة يبدون آراءهم عن ماهية
«الرّوح»، حتى بلغ تعداد تلك الآراء نحو الف رأي و
نظرية، حسب قول بعض الفلاسفة الاسلاميين، و تدور كلها حول «الرّوح» و ما يتعلق بها. إنَّ الكلام في هذا يطول، غير
إنَّ الأهم الذي ينبغي معرفته يتعلق بالجواب عن هذا السؤال:
هل الرّوح مادة أم لا؟ و بعبارة اخرى: هل هي مستقلة أم إنَّها من الخصائص
الكيمياوية و الغيزياوتية للدماغ و الاعصاب؟
ثمة فريق من الفلاسفة الماديين يصرون على أنَّ الروح و الظواهر الروحية مادية
و أنَّها من خصائص خلايا الدماغ، و عند ما يموت الانسان، تموت الروح معه، في تلك
اللحظة التي نحطمها بضربة مطرقة فتتناثر اجزاؤها، و يتوقف عملها على أثر ذلك.
و في الطرف المقابل لهؤلاء يقف الفلاسفة الالهيون، و معهم بعض الفلاسفة
الماديين الذين يقولون بأصالة الروح. و يعتقد هؤلاء إنَّ الروح لا تموت بموت
الانسان، بل تستمر في الحياة.
و لإثبات هذه المقولة، أي أصالة الروح و استقلالها و بقائها يذكرون أدلة معقدة
كثيرة، لا يسعنا هنا إلّا أنَّ نورد أهمهما و أوضحها بعبارات بسيطة لكي يعيها
شبابنا العزيز: