فسكت القوم، فأعادها ثلاثا. كل ذلك يسكت القوم، ويقول علي: أنا. فقال في
المرّة الثالثة: «أنت».
فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمّره عليك.
وروي عن أبي رافع: أنَّه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتى تضلعوا
(أي شبعوا) وسقاهم عسّاً فشربوا كلهم حتى رووا. ثم قال: إنَّ اللَّه أمرني أنْ
أنذر عشيرتك الاقربين وأنتم عشيرتي ورهطي وأنَّ اللَّه لم يبعث نبيّاً إلّاجعل له
من أهله أخا ووزيراً ووارثاً ووصياً وخليفة في أهلي، فأيّكم يقوم فيبايعني على
أنَّه أخي ووارثي ووزير ووصيي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّاأنَّه لا نبيّ
بعدي؟ فسكت القوم.
فقال: ليقومن قائمكم أو ليكونن من غيركم ثم لتندمن.
ثم أعاد الكلام ثلاث مرّات. فقام علي عليه السلام فبايعه فأجابه، ثم قال: ادن
منّي. فدنا منه ففتح فاه ومج في فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وثدييه، فقال أبولهب:
بئس ما حبوت به إبن عمّك إن أجابك فملأت فاه ووجهه بزاقاً.
فقال النّبي صلى الله عليه و آله ملأته حكماً وعلماً».
هذا الحديث يعرف باسم «حديث
الدّار»، و هو واضح في دلالته بما يكفي.
أمّا من حيث أسانيد الحديث، فقد ذكره كثيرون من علماء اهل السنة، مثل «ابن أبي
جرير» و «ابن أبي حاتم» و «ابن مردويه» و «أبي نعيم» و «البيهقي» و